وحوش.. شياطين.. سحرة
وقردة.. هذه بعض الأوصاف التي أطلقها الصهاينة على الجزائريين في ثاني
مواجهة عسكرية معهم، إنها معركة الزيتية التي تخلى فيها المقاتلون العرب
عن أسلحتهم الثقيلة، ليواجهوا بأجسادهم دبابات العدو ونخبة قواته.
الجيش الجزائري يحاصر القوات الإسرائيلية
قبل التعمق في البحث عما
جرى في معركة »الزيتية« أو الثغرة الثانية، أتوقف للمرة الأخيرة مع المؤرخ
»شفتاي تيبت« الذي يروي تفاصيل فرار شارون من القوات الجزائرية بعد هزيمته
في »الأديبة«، تيبت أدلى بشهادته تلك أمام لجنة التحقيق »أجرنات«، فقال:
أعترف أنني انسحبت من ميدان القتال في أشد اللحظات حرجا في تاريخ دولة
»إسرائيل«.. لم تكن مبررات انسحابي بالهينة.. بل كنت أحاول أن أوصل صوتي
من ميدان المعركة لقادتي في تل أبيب.. إنهم لا يرون ما أرى ولم يعايشوا ما
عايشت.. لقد خدمت مع الجنرال شارون خمس سنوات فلم أر سوى شخص مجنون مصاب
بعدة أمراض نفسية خطيرة.. ولم أره أكثر وضوحا إلا أثناء القتال.. إنه لا
يفقه شيئا عن القيادة العسكرية.. في معركة الأديبة دفع زملائي حياتهم
بسببه وسجل التاريخ هزيمة نكراء لـ»إسرائيل« كنا في غنى عنها.. كدت بل كاد
هو أيضا أن يفقد حياته بسبب سوء تصرفه وعجزه عن القيام بواجبه العسكري..
وحينما علمت أن القيادة كلفته من جديد بقيادة هجوم الزيتية أدركت أن ثمة
خطأ ما حاصل في غرفة القيادة، وأنه لا سبيل لتصحيح الخطأ إلا بإعلان
التذمر ليفتح ملف التحقيق قبل فوات الأوان.. في الواقع لم أكن أريد أن
أسجل اسمي في قائمة صانعي هزائم »إسرائيل«، لكنني أيضا لم أكن أريد أن
تسير »إسرائيل« إلى حتفها على يد شارون.